الثلاثاء، 28 مارس 2017

وسواس

حركة خاطئة  على المسرح  منعتني من استكمال التدريب ،ثلاثة سنوات مرت لم أرقص  فيها  كفيلة لتجعل خطواتي مضطربة و ثقيلة، لا تزال أنفاسي تتصاعد و لم تهدأ حرارة جسدي بعد،  عندما اتخذت مكان الجمهور، جاء أنور جانبي، لم أتذكر اخر مرة رأيته فيها، و لم أتذكر اني رأيته يوما هنا من قبل، اقترب يسلم بحرارة ، و امتدت يده بكل غلاظة داخلي ليسألني عن رامي  ليخرجه إلى السطح، بعد ان نام و استقر في هدوء، و بمجهود كبير مني كي ابتسم أجبته، لا،  لا اعرف عنه شيّء ، ظل يثرثر في أذني و انا استمر في هز رأسي للفراغ  و اطلب منه ان يخفض صوته قليلا حتى لا نتسبب في تشتت من على الخشبة ، و أخيرا أمسكت بقدمي الملتوية إشارة مني لكي أنهي الحديث برشاقة. 
بعد التدريب كان الليل قد جاء و نسمة طازجة مائلة الى البرودة  أغرقت الارض،  انتظر سيارة اجرة تنقلني إلى البيت، لا استطيع الحركة، علي انتظارها،  جاء صوته يعاتبي، كيف لا تعرفي عني شيء، و ماذا عن رسائلي التي ابعثها لك، و ماذا عن رسائلك التي تحكي لي فيها عن كل ما يدور داخلك و  داخلي ، و ماذا عن حديثك إلي و انتِ ترتبين فراشك أو وأنتِ واقفه امام المرآة تضعي زينتك أو تمشطين شعرك. أدير وجهي هنا و هناك أنظر إلي المارة انشغل بتفحص المفاتيح و النقود في حقيبتي، يستمر في حديثه ، أخرج هاتفي أتحقق من مجيء سيارة الأجرة، يصمت قليلا حتى أنهي مكالمتي،  من الجيد ان تصل السيارة سريعا،  هناك عند أول الشارع، انتظرها، إشارة مني للسائق ليقترب، أفتح الباب، لقد دخل معي و جلس جانبي، أنظر عبر النافذة، الازدحام يحاصرنا، قال لي إنك تعلمي عني الكثير نحن نلتقي دوما، لقد أخبرتك بجميع القصص التي أحبها و أعيدها عليك عندما تطلبين مني ذلك، نعم أعلم ذلك، ابتسمت و انا أجيبه ، أخبرته عن لقائنا الاخير داخل صالة السينما، و عن ألم معدتي الذي ينتابني كل مرة ادخل فيها مطار القاهرة حيث ألتقينا ، و عن  استنتاجي بأنة يلتزم الفراش بسبب وعكته الصحية، حتى  قبل ان يخبرني بذلك، أخبرته أنني اعرف متى سيأتي و متى سيرحل متى سوف يقترب و متى  يغضب  و كل ما يحدث هناك  في كهفه
افتح النافذة جانبي، الهواء البارد يضرب وجهي. علي شراء رباط ضاغط لقدمي ، جسدي لم يتعلم الكذب بعد،  صوته مرتفع مثل طفل صغير يصرخ أينما كان و في أي وقت يشاء، لم استطع إكمال الحديث بسبب ألآم قدمي. و لكنه ظل ينظر إلي ويحدثني،  يحكي لي عن أول القصص و أخرها، كان يضحك و يبكي و يشكي و يعاتب و ينظر إلي،  ثم يشاركني بقصة لطيفة.. و يسألني سؤال و  يسمعني اغنية احبها ثم أكررها عشارات المرات. ثم يصمت قليلا حتى ألتفت له فيبتسم لي وأنا ابتسم له. 
و في لحظة ما، لم اري فيها شيء، و لكن شعرت بأهتزازات و بحركة دوران سريعة ، و أصوات متداخلة، لم اتذكر شيء حينها غير انني احتضنته بشده  و انفجرنا.